أكدت سناء وحمان، المديرة التنفيذية لشركة «AWR Mobility» و«AWR Trading»، التابعتين لمجموعة عبدالواحد الرستماني، أن قطاع التنقّل في الإمارات يشهد تحولاً جوهرياً يعكس التوجه الاستراتيجي نحو بناء منظومة نقل مستدامة وذكية. ففي عام 2024 برزت العديد من المبادرات التي تعزز استخدام التقنيات المتقدمة في التنقّل، بدءاً من المركبات ذاتية القيادة التي يتم اختبارها في دوري أبوظبي للسباقات الذاتية، وصولاً إلى الحافلات الذكية التي تجوب شوارع مدينة مصدر، مستفيدة من بنية تحتية مزوّدة بأجهزة استشعار متقدمة.
وقالت: يتسارع هذا التحول في 2025، خاصة مع تأسيس مجمع «SAVI» للمركبات الذكية والمستقلة في مدينة مصدر، الذي يضع أسساً متينة لابتكارات التنقّل البري والجوي والبحري. هذا التوسع لا يقتصر على التكنولوجيا فقط، بل يشمل أيضاً تطوير منظومات التأجير والاستخدام التشاركي للمركبات، وهو ما يعزز من مرونة النقل الحضري ويقلل الاعتماد على الملكية الفردية.
وأكدت أن دولة الإمارات تسير بخطى واثقة نحو مستقبل تنقّل منخفض الانبعاثات وأكثر ذكاءً، مستندةً إلى رؤية حكومية واضحة تهدف إلى جعل 50% من المركبات كهربائية بحلول عام 2050. كما تعزز الدولة الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية للشحن الكهربائي وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية في النقل، ما يتيح حلولاً مرنة، واقتصادية، وصديقة للبيئة تناسب متطلبات الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وأشارت إلى أن التحول الرقمي يعيد رسم معالم قطاع التنقل في الإمارات، من خلال حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي، والتعلّم الآلي، وتحليل البيانات الضخمة. فالتقنيات الحديثة مثل المساعدات الذكية داخل المركبات، والتحديثات البرمجية عن بُعد، وأنظمة الملاحة التكيفية، أصبحت عنصراً أساسياً في تجربة التنقّل.
وقالت: هذا التكامل الرقمي لا يقتصر على المركبات فحسب، بل يشمل أيضاً إدارة الأساطيل المؤجرة، ما يمكّن الشركات من تحسين استغلال المركبات، وتقديم خدمات مرنة تتناسب مع احتياجات الأفراد والشركات على حد سواء. ومن المتوقع أن تواصل حلول الإيجار الذكية لعب دور رئيسي في تحقيق الاستدامة، عبر تقليل عدد المركبات المملوكة، وتحسين كفاءة التنقل داخل المدن.
وأكدت أن قطاع السيارات في الإمارات يشهد تحولاً نوعياً لا يقتصر على الجانب التقني، بل يفتح آفاقاً واسعة في مجالات الابتكار، والشراكات الاستراتيجية. كما يتوسع قطاع التنقّل في الدولة ليشمل أنماطاً جديدة من الاستخدام، أبرزها التأجير الذكي والمشاركة في المركبات. وقالت إن الطلب لا يرتبط فقط بالراحة، بل يرتبط أيضاً بترشيد التكلفة وتحقيق الاستدامة. فالمركبات الكهربائية المؤجَّرة توفّر ما يصل إلى 40% من تكاليف التشغيل مقارنة بالمركبات التقليدية، إلى جانب الحوافز الحكومية والإعفاءات من الرسوم، ما يجعلها خياراً عملياً وبيئياً في آنٍ واحد.
وحول دعم القيادة للمرأة في قطاعات الأعمال، قالت: الدعم الحقيقي الذي تقدمه الإمارات للمرأة يتجلّى ليس فقط في السياسات العامة، بل في الممارسات اليومية داخل مؤسسات العمل. فالقرارات التي تُمنح فيها المرأة أدواراً قيادية ومساحات للتأثير، تؤكد أن تمكينها ليس مجرّد شعارات أو بنود، بل جزء أصيل من رؤية وطنية شاملة. لقد حرصت القيادة الرشيدة على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص، وتهيئة بيئة عمل تحتضن طموحات المرأة وتدعم مساهمتها الفاعلة، بما يتيح لها المشاركة في اتخاذ القرار ورؤية أفكارها تتحوّل إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع. وهذا ما يجعل تجربة المرأة الإماراتية في مختلف القطاعات نموذجاً ملهماً إقليمياً ودولياً.
وأضافت: من هذا المبدأ أطلقنا برنامج «I CAN WOW» الذي يركز على الصحة النفسية والتواصل المفتوح داخل بيئة العمل في شركة AWR Mobility Services التابعة لمجموعة عبدالواحد الرستماني. ومن خلال هذا البرنامج، استطعت أن أُحدث فرقاً حقيقياً في بيئة العمل، حيث لم يقتصر دوره على دعم الصحة النفسية فحسب، بل مكّنني أيضاً من تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم، مما أسهم في خلق بيئة أكثر شمولاً وتمكيناً. الكثير من النقاشات عن تمكين المرأة تدور حول الفجوة في الأجور أو التوازن بين العمل والحياة، لكن في الحقيقة، التمكين يعني إعطاء الجميع فرصاً متكافئة للنجاح. نحن نشجع التوجيه بين فرق العمل ونسعى لتوفير بيئة يشعر فيها الجميع بالراحة للتعبير عن آرائهم، خاصة إذا واجهوا أي نوع من التحيز.
وقالت: بالنسبة لي، أرى أنه لا ينبغي لنا كنساء النظر إلى وجودنا في مجالات يستحوذ عليها الرجال كعائق. عندما دخلت غرفة اجتماعات مليئة بالرجال في بداية مسيرتي المهنيّة رأيت تحدياً يمكنني تجاوزه٬ ومن خلال التجربة تعلمت أن الشكوك التي تراودنا هي ذاتها التي يمكن أن تواجه أي شخص ويمكن تخطيها وتحويلها إلى تجارب إيجابيّة.
واستعرضت تجربتها وقالت: أحد أبرز التحديات التي واجهتها كان العمل في قطاع يهيمن عليه الرجال مثل قطاع السيارات والتنقل. ففي عام 2025، لا تزال النساء يشكّلن فقط نحو 24% من القوى العاملة في هذا القطاع على مستوى العالم، وهي نسبة لم تشهد تغيراً يُذكر في السنوات الأخيرة، بحسب تقارير شركات مثل Deloitte. ولم يكن التحدي مقتصراً على قلة التمثيل، بل تفاقم بسبب التراجع الملحوظ في البرامج الرسمية للرعاية والتوجيه المهني للنساء، التي انخفضت من 24% في عام 2022 إلى 16% فقط في عام 2024 وفقاً لدراسات أجرتها شركة McKinsey. ورغم التحديات العالمية، فإن العمل ضمن منظومة تمكينية كالتي توفرها دولة الإمارات يفتح أمام المرأة آفاقاً واسعة للنمو والتطوّر.
لكن في بعض الأحيان، قد تتحوّل وفرة الخيارات والفرص المتاحة إلى تحدٍ بحد ذاته، إذ يتطلّب الأمر وضوحاً في الرؤية والهدف لاختيار المسار الأنسب وتحقيق التأثير الحقيقي. ولهذا السبب، ومن خلال دوري القيادي، أعمل على تمكين النساء – وكذلك كافة أفراد فريق العمل – وإرشادهم إلى كيفية استثمار هذا التنوع من الفرص بما ينسجم مع أهدافهم من خلال تدريبهم على ما طبّقته أنا شخصياً في بداياتي المهنية: تحديد الأولويات. فالأولويات تعني وضوح الرؤية، ووضوح الرؤية يعني توجيه الأهداف والالتزام نحو مسار محدد وفعّال.
وقالت: هنا تبرز القيمة الحقيقية للفرص المتاحة في دولة الإمارات، التي لا توفّر فقط البنية التحتية الداعمة، بل تعكس أيضاً رؤية وطنية واضحة تؤمن بالطاقات البشرية، وتُهيئ البيئة المناسبة لنموها وازدهارها. وانطلاقاً من هذه البيئة، أدركت منذ بداياتي أن النجاح لا يتحقق بالجهد الفردي فقط، بل يبدأ أولاً بتحديد الأولويات بوضوح، فذلك ما يجعل فهم السوق وآلياته أمراً أكثر فاعلية، إذ يتطلّب النجاح فهماً عميقاً لكيفية عمل القطاع، والتزاماً حقيقياً بتعلّم تفاصيله الفنية، وبناء علاقات مهنية قائمة على الدعم والثقة.
وأضافت: يُعدّ حضور المرأة في قطاع تنافسي كقطاع السيارات والتنقل في دولة الإمارات نموذجاً يُجسّد رؤية الدولة الاستشرافية في تمكين المرأة وتعزيز دورها في القطاعات الحيوية، بما فيها تلك التي لطالما اعتُبرت حكراً على الرجال. فقد أثبتت المرأة الإماراتية جدارتها في مجالات الهندسة والتصميم والتقنيات الذكية، إلى جانب أدوارها القيادية في التسويق والإدارة وسلاسل الإمداد، ما يعكس تحوّلاً حقيقياً نحو بيئة عمل تقدّر الكفاءة وتدعم التنوع. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة التزام استراتيجي من الدولة بتفعيل مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية الشاملة، ويتجلى ذلك بوضوح في العديد من المبادرات، منها مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين الذي يضمن وجود المرأة في جميع السياسات ومجالس الإدارة٬ ويقدم المبادرات والمشاريع المبتكرة التي تساهم في تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة، وتجعل من الإمارات نموذجاً يحتذى به في هذا الجانب.